“أزمة جديدة” بعد سحب جنسية 962 شخصًا.. ملف المواطنة في الكويت يتخذ مسارات غير مسبوقة

أعلنت وزارة الداخلية الكويتية، يوم الخميس الماضي، عن قرار اللجنة العليا لتحقيق الجنسية بسحب أو فقدان الجنسية الكويتية من 962 شخصًا، في خطوة اعتبرت من قبل وسائل الإعلام الدولية الأوسع من نوعها في تاريخ البلاد.

وأكدت الوزارة في بيان رسمي أن هذه القرارات تستند إلى مواد قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959 وتعديلاته، مشيرةً إلى أنها ستتم إحالتها إلى مجلس الوزراء لاعتمادها بشكل نهائي.

إعلان

في هذا التقرير الخاص حول الكويت، نستعرض أهم القرارات الصادرة عن الحكومة بشأن سحب جنسيات عدد من الشخصيات العامة، والأسباب التي أدت إلى هذه الإجراءات وتبعاتها.

قرارات غير مسبوقة بشأن الجنسية في الكويت

وفقًا للبيان الصادر عن وزارة الداخلية عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس”، فقد شملت القرارات الحالات التالية

فقد الجنسية نتيجة وجود ازدواجية عددهم 13 شخصًا وفق المادة (11) من قانون الجنسية، سحب الجنسية بسبب التزوير عددهم 186 فردًا وفق المادة (21 مكرر أ).

بالإضافة إلى ذلك، تم سحب الجنسية لأسباب تتعلق بالتبعية والتزوير شمل 82 شخصًا بموجب المادة (13/1)، في حين تم سحب الجنسية للمصلحة العامة أو لأعمال شريفة لم تتحقق فعليًا وشمل 681 حالة وفق المادة (13/4).

وأوضحت الوزارة أن بعض هذه الحالات تتعلق بأشخاص حصلوا على الجنسية بالتبعية، وذلك عبر صلات قرابة مع حاملي الجنسية الأصلية الذين ثبت تزويرهم أو مخالفتهم للقانون.

ترؤس حكومي مباشر لملف الجنسية

ترأس الاجتماع المسؤول النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، الذي يتولى الإشراف المباشر على ملف الجنسية.

هذه الخطوة تعكس الجدية الحكومية في متابعة هذا الملف الشائك الذي كان محور جدل واسع خلال السنوات الماضية.

سحب الجنسية من شخصيات عامة يثير الجدل

من بين الأسماء الواردة في قرارات السحب الأخيرة، يوجد الداعية المعروف نبيل العوضي، والفنان محمد العجيمي، والإعلامي مبارك العمير.

وقد أثار إدراج هذه الشخصيات في قائمة السحب تفاعلاً كبيرًا على منصات التواصل، خاصةً أن بعضهم قد واجه قرارات مشابهة سابقًا.

في عام 2014، سُحبت جنسية العوضي قبل أن تُعاد إليه في 2018، وهذه المرة هي الثانية له، وقد علق على القرار عبر منصة “إكس” قائلاً “بعد كل ضيق وشدة … غنى وسعة!”.

إصلاح شامل لملف الجنسية الكويتية

يمثل هذا التحرك جزءًا من حملة حكومية واسعة بدأت منذ شهور لإعادة تنظيم ملف الجنسية الكويتية.

بدأت السلطات بالفعل بة حالات التجنيس بالتبعية منذ سبتمبر الماضي، وقد ألغيت عدة حالات كما ذكرت وسائل الإعلام المحلية.

ووفقاً لوزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، فإن “الكويت كانت تعاني من اختلاط الجنسيات المختلفة دون وجود وثائق تؤكد أنسابهم”.

كما أشار إلى أن اللجنة المخصصة أُنشئت لتصحيح الأوضاع المتعلقة بالجنسية، وأنها تواجه أحيانًا مقاومة من بعض أعضاء مجلس الأمة لفتح هذا الملف بشكل كامل.

توجه حكومي تجاه تنظيم منح الجنسية

في حديث تلفزيوني مثير للجدل، قال الشيخ فهد اليوسف في برنامج “مسرح الحياة” مع الإعلامي علي العلياني، إن الجنسيات المكتسبة بشكل غير قانوني قد أثرت سلبًا على الهوية الاجتماعية والثقافية الكويتية، وأدت إلى “اختلاط الأنساب وتراجع الشعور بالانتماء الوطني”.

وأكد وجود نية لإنشاء هيئة مستقلة مسؤولة عن تنظيم عملية منح وسحب الجنسية بشكل قانوني ومنهجي، مشيراً إلى أن هذه الهيئة في طور التأسيس بالتعاون مع إدارة الفتوى والتشريع.

تعديلات قانونية تعيد تشكيل ملامح المواطنة

في ديسمبر الماضي، أصدر مجلس الوزراء مرسومًا بتعديل بعض مواد قانون الجنسية، من أبرزها المادة السابعة التي تنص على أن المرأة الأجنبية لا تكتسب الجنسية بشكل تلقائي عند زواجها من كويتي، كما لا تُعطى الجنسية للزوجة الأجنبية لمجرد حصول زوجها على الجنسية.

وعلى الرغم من ردود الفعل المتنوعة، تؤكد وزارة الداخلية أن هناك زوجات لكويتيين يحملن جنسيات من 66 دولة، مما يعكس تنوعًا غير مسبوق في المجتمع الكويتي.

الفنانون في الكويت مستهدفون أيضًا

لم يقتصر سحب الجنسية على الدعاة أو الشخصيات الدينية فقط، بل شمل كذلك فنانيين وإعلاميين، وأبرزهم الفنانة نوال الكويتية وداود حسين، إضافة إلى آخرين.

وقد تساءل الوزير بخصوصهم “ماذا قدم هؤلاء للكويت”، مشيرًا إلى أن العديد منهم يحمل جنسيات أخرى، وهو ما يتعارض مع القوانين التي تمنع ازدواجية الجنسية.

التحول إلى فئة “البدون” بعد سحب الجنسية

تشير المصادر إلى أن الأفراد الذين تُسحب منهم الجنسية الكويتية يتحولون تلقائيًا إلى فئة “غير محددي الجنسية”، وتعرف بـ “البدون”.

تفرض السلطات عليهم تسليم بطاقاتهم المدنية وجوازات سفرهم، ويُمنحون بطاقات خاصة تشير إلى عدم كونهم كويتيين، مما يؤدي غالبًا إلى حرمانهم من خدمات التعليم والعلاج المجاني والتوظيف في القطاع العام.

تداعيات اجتماعية وإنسية خطيرة

تثير هذه القرارات تساؤلات حول مصير الأسر المتأثرة بفقدان الأعزاء لجنسياتهم، حيث تتعرض تلك العائلات لفقدان العديد من الحقوق الاجتماعية.

وآلاف الأشخاص الذين اكتسبوا الجنسية بالتبعية يواجهون خطر فقدانها في حال ثبت أن أصولها مُبنية على التزوير أو الغش.

قضية تزوير معروفة تتصدر الأرقام

ذكرت صحيفة “الراي” تفاصيل قضية شهيرة تتعلق بتزوير، حيث اكتسب شخص من أصل سوري الجنسية الكويتية عبر تزوير قصة نسب مع أشخاص يُزعم أنهم أقاربه.

نتج عن ذلك سحب الجنسية من 86 شخصًا تبينت صحتهم بفضل فحوصات الحمض النووي.

استرداد الأموال العامة بموجب القانون

بدأت وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع إدارة الفتوى والتشريع اتخاذ إجراءات قانونية لاسترداد المساعدات الاجتماعية المدفوعة لأشخاص ثبت أنهم حصلوا على الجنسية بطرق غير قانونية، ويعتبرون جزءًا من الأموال العامة المنصرفة بغير وجه حق.

الحملة مستمرة وأعداد السحوبات تتزايد

تقدر وسائل الإعلام الكويتية أن عدد الأشخاص الذين سُحبت جنسياتهم منذ بدء الحملة الحكومية قد تجاوز 35 ألفًا، بينما ذكرت وكالة “فرانس برس” أن العدد حتى مارس الماضي وصل لأكثر من 42 ألفًا، مما يمثل تحولًا كبيرًا في سياسة الدولة بشأن التجنيس.

لجنة تظلمات لمتابعة الإجراءات

في خطوة موازية، approved مجلس الوزراء إنشاء لجنة تظلمات خاصة بسحب الجنسية برئاسة المستشار علي مساعد الضبيبي، وتتيح هذه اللجنة للأفراد فرصة إبداء اعتراضاتهم على قرارات السحب، ولكن تظل حركة هذه اللجنة تحت المراقبة.

بينما تستمر الكويت في ة شاملة لملف الجنسية، فإن هذا التحرك يثير نقاشًا مجتمعيًا حادًا حول تأثيراته الإنسانية والاجتماعية، خاصةً على العائلات المتضررة.

سحب الجنسية كجزء من حملة مكافحة الفساد

في إطار أوسع، تطرق النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الشيخ فهد اليوسف إلى ملف الفساد، مؤكدًا أن هناك جهودًا مستمرة لمكافحته منذ أربع سنوات، في إشارة لوجود حالة تُشبه “ريتز كويتي”.

وأضاف أن هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات قانونية تفصيلية، خاصةً في مواضيع المواطنة والإجراءات المتخذة.

إعلان البدون الكويت المواطنة في الكويت سحب الجنسية