لحظة تاريخية لأول مرة منذ 20 عاماً.. سوريا تشارك في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي

توجه وزير المالية السوري محمد يسر برنية، مع حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، إلى العاصمة الأميركية واشنطن، يوم الأحد الموافق 20 أبريل 2025، للمشاركة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وتُعتبر هذه الزيارة الأولى لسوريا إلى هذه الاجتماعات منذ عقدين من الزمن، مما يعكس خطوة مهمة نحو إعادة إدماج البلاد في النظام المالي العالمي، ودعم مساعي إعادة الإعمار، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

أهداف سوريا من المشاركة في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي

وفقًا لتقارير مقرّبة، يحمل الوفد السوري أجندة مشغولة بالاجتماعات الثنائية والنقاشات مع مؤسسات مالية دولية.

وأكد برنية في منشور على منصة “لينكد إن” أن هذه الجهود تهدف إلى دعم عودة سوريا إلى المجتمع الدولي، مع وضع التركيز على بناء مؤسسات قوية وإعادة الاقتصاد إلى مسار التعافي.

وأشار إلى أن الهدف النهائي هو تحسين مستويات المعيشة لدى السوريين الذين واجهوا عقودًا من الأزمات والصراعات.

بدوره، أبدى الحصرية التزامه الكامل ببذل كل الجهود اللازمة لتحقيق إعادة الدمج المالي، مؤكدًا أن هذه المسألة تمثل أولوية قصوى للسلطات السورية في هذه الفترة الحساسة.

التحديات الاقتصادية في سوريا والدعم الدولي

في فبراير 2025، أعلنت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، عن استعداد الصندوق لدعم سوريا من خلال تعزيز قدرات مؤسساتها الأساسية، وفي مقدمتها المصرف المركزي.

وبيّنت أن الحوار مع المسؤولين السوريين قد بدأ بالفعل بهدف فهم احتياجات البلاد بشكل أفضل. ومع ذلك، تبقى العقوبات الدولية عائقًا كبيرًا يعترض طريق التعافي.

وفي هذا السياق، دعا عبد الله الدردري، الأمين العام المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى التقدم في جهود التعافي الاقتصادي دون انتظار رفع العقوبات، مشددًا على أهمية العمل بالتوازي لجذب استثمارات دولية.

واقع الاقتصاد السوري

تظهر التقارير الصادرة عن البنك الدولي والأمم المتحدة أن إجمالي كلفة إعادة الإعمار قد تصل إلى 300 مليار دولار، في حين انخفض الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار قبل عام 2010 إلى أقل من 6 مليارات دولار في عام 2024.

ويعاني 90% من السوريين من الفقر، بينما تصل نسبة البطالة إلى 25%. كما تأرجح مؤشر التنمية البشرية إلى مستويات ما قبل عام 1990، مما يعكس العواقب السلبية لعقود من التراجع التنموي.

وأوضح الدردري في تصريحات صحفية أن الاقتصاد السوري كان متوقعًا أن يصل إلى ناتج محلي إجمالي مقداره 125 مليار دولار بحلول عام 2025، إلا أنه لا يتجاوز حاليًا 30 مليار دولار، ما يبرز مدى الفجوة الاقتصادية القائمة.

وفي الوقت نفسه، شدد الدردري على ضرورة تحقيق إنجازات سريعة، مثل تحسين الخدمات الأساسية وتطوير المرافق العامة، لتعزيز الثقة لدى المواطنين وتحسين نوعية حياتهم اليومية.

سوريا تستعد لوضع خطة اقتصادية طموحة

تعمل سوريا حاليًا على وضع خطة اقتصادية استراتيجية تستمر لعقد من الزمن، تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد بعيدًا عن النهج الاشتراكي الذي كان سائدًا طوال فترة حكم نظام البعث.

وقد أشار الرئيس أحمد الشرع في تصريحات سابقة إلى أن فريقًا من الخبراء السوريين يشتغلون على هذه الخطة الجديدة.

هل ستعود سوريا إلى النظام المالي العالمي

يعتبر المراقبون أن مشاركة سوريا في اجتماعات الربيع تمثل إشارة إيجابية نحو استعادة مكانتها في النظام المالي العالمي.

ومع ذلك، يتطلب التعافي الاقتصادي تعاونًا دوليًا واسع النطاق، وإصلاحات داخلية مستدامة، وتطوير سبل تمويل مبتكرة في ظل التحديات الناتجة عن تراجع الدعم الدولي.

ويظل الهدف المنشود هو تمكين السوريين من العودة لحياة كريمة، من خلال إعادة بناء البنية التحتية وتحسين الخدمات العامة.

اقرأ أيضًا

.
تم .

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *