قرار مفاجئ ألمانيا تحظر بيع طائرات يوروفايتر تايفون لتركيا.. كيف سيرد أردوغان

قررت الحكومة الألمانية، التي تتألف من ائتلاف مؤقت بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، حظر تصدير ما يقرب من ثلاثين طائرة مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون إلى تركيا، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة هاندلسبلات. فما هي الدوافع وراء هذا القرار وكيف يمكن أن تقوم تركيا والرئيس أردوغان بالرد على هذه الخطوة

الأسباب وراء حظر بيع يوروفايتر تايفون لتركيا

أثارت هذه الخطوة، التي جاءت في سياق المخاوف من اعتقال زعيم المعارضة التركية أكرم إمام أوغلو، ردود فعل سلبية داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوساط الصناعة الدفاعية الأوروبية، بالإضافة إلى الأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

وقد أشارت برلين إلى اعتقال إمام أوغلو، الذي يعد من أبرز المنافسين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي وُجهت إليه اتهامات بالفساد تُعتبرها المعارضة التركية بمثابة مؤامرة سياسية، كسبب رئيسي وراء استخدام حق النقض في هذا الشأن.

وصف مسؤولون ألمان تصرفات أردوغان بأنها “اعتداء على الديمقراطية التركية”، مؤكدين أن الموافقة على صفقة الأسلحة ستكون غير مناسبة في ظل هذه الظروف الحالية.

هذا القرار، الذي يلغي التقدم الذي تم تحقيقه سابقاً نحو إتمام البيع، لا يؤثر فقط على تحديث القدرات العسكرية لتركيا، بل يشكل أيضاً عبئاً على وحدة اتحاد طائرات يوروفايتر ويثير تساؤلات حول دور أنقرة في الجناح الجنوبي لحلف الناتو.

تركيا ترى في تايفون الأوروبية بديلاً ممتازاً لطائرات F-35 الأمريكية

منذ بدء عملياتها في عام 2003، استخدمت القوات الجوية الأوروبية طائرة يوروفايتر تايفون في العديد من الصراعات من ليبيا إلى سوريا، حيث أثبتت موثوقيتها في العمليات القتالية عالية الكثافة.

في هذا السياق، اعتبرت تركيا امتلاك طائرات تايفون خطوة استراتيجية لتعزيز قدرتها الجوية المتهالكة، خاصة بعد استبعادها من برنامج طائرات إف-35 الأمريكية نتيجة شرائها أنظمة الدفاع الجوي الروسية من طراز إس-400 في عام 2019.

سياسة تصدير الأسلحة الألمانية المعقدة

تمتاز سياسة تصدير الأسلحة الألمانية بالتعقيد، حيث تبرز أزمة جديدة في صفقات الأسلحة الدولية. في عام 2018، أقدمت برلين على فرض حظر جزئي على مبيعات الأسلحة إلى السعودية على خلفية تورطها في الصراع اليمني، مما أدى إلى تأخير تسليم طائرات يوروفايتر وتوتر العلاقات مع لندن وباريس.

كما تم فرض قيود مماثلة على تركيا، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016، حيث رفضت ألمانيا 11 صفقة أسلحة في عام 2017، بحسب تقرير صحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ. ويعكس الفيتو الحالي حساسية برلين تجاه قضايا حقوق الإنسان والتراجع الديمقراطي، والتي لطالما أثرت على العلاقات مع أنقرة.

كيف سيتعامل أردوغان مع الأمر وهل سيستغله لصالحه

هذا القرار الألماني يمكن أن يكون له تداعيات محلية على تركيا، حيث يمكن أن يستخدمه أردوغان، الذي يُعتبر بارعًا في المناورات السياسية، لتعبئة مشاعر الوطنية، مُصورًا تركيا كضحيتها للمعايير المزدوجة الغربية.

وشهدت الرواية فعاليتها في نزاعات سابقة، مثل قضية أنظمة إس-400، عندما صوّر أردوغان العقوبات الأمريكية بأنها هجوم على السيادة الوطنية التركية. من خلال تقديم الفيتو الألماني كعقوبة على نهج تركيا المستقل، يمكن أن يصرف أردوغان الانتباه عن التحديات الداخلية، بما في ذلك القضايا الاقتصادية وملف إمام أوغلو.

البحث عن بدائل أوروبية وربما روسية!

قد ترى الولايات المتحدة، التي وافقت على بيع طائرات إف-16 لتركيا في أوائل عام 2024، فرصة لتعزيز نفوذها في أنقرة، رغم أن واشنطن لا تزال تحذر من انفتاح تركيا على روسيا.

أما الموردون الآخرون، مثل روسيا بطائراتها من طراز Su-57 أو الصين بطائرات J-20، فهم خيارات غير محتملة نظرًا لعضوية تركيا في حلف الناتو، وعدم توافق تلك الأنظمة مع معايير الحلف. لكن يمكن أن تكون هذه الورقة قوية في يد أردوغان لتفاوضه مع الاتحاد الأوروبي لإتمام الصفقة.

كما أن فرنسا، التي تسعى لاستغلال الوضع، قد تطرح طائرات رافال كبديل، على الرغم من أن تكلفتها العالية وتوتر العلاقات بين أنقرة وباريس تجعل هذا الخيار صعب التحقيق.

يشهد سوق الطائرات المقاتلة العالمي ازدحامًا متزايدًا مع دخول مقاتلات KF-21 الكورية الجنوبية وAMCA الهندية المنافسة، ولكن لا يُعد أي منهما حلاً عمليًا لتركيا على المدى القريب.

المستقبل يبدو غير مؤكد، ويعتمد ذلك جزئيًا على ما إذا كانت الحكومة الألمانية المؤقتة – أو خلفها – ستعيد تقييم موقفها.

مواصفات يوروفايتر تايفون

تُعتبر طائرة يوروفايتر تايفون، المقاتلة ذات المحركين والمهام المتعددة، حجر الزاوية في هندسة الطيران والفضاء الأوروبية، صُممت لمواجهة أكثر الطائرات المقاتلة تطورًا حول العالم.

طُوّرت طائرة تايفون بواسطة اتحاد يضم ألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا، من خلال شركات مثل إيرباص وبي إيه إي سيستمز وليوناردو. تُعتبر الطائرة من الجيل الرابع والنصف، وتشتهر برشاقتها وإلكترونياتها المتطورة وتعدد استخداماتها.

بسرعة قصوى تبلغ ماخ 2، ونطاق قتالي يتجاوز 1800 ميل، وقدرتها على حمل أنواع مختلفة من الحمولة بما في ذلك صواريخ ميتيور جو-جو ذات المدى المحدود وقنابل بافواي 4 الموجهة بدقة تُظهر تايفون تفوقًا في مهام السيطرة الجوية والعمليات البرية والاستطلاع.

توفر رادارها النشط المصفوفي الإلكتروني (AESA) ونظام البحث والتتبع بالأشعة تحت الحمراء وعيًا ظرفيًا متقدمًا، مما يجعلها منصة متميزة للحرب الحديثة.

ً

. تم .