
في خضم التصعيد العسكري المتواصل في قطاع غزة، تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى تغيير الواقع في الضفة الغربية، مع تفاصيل تتعلق بضمها الكامل إلى السيادة الإسرائيلية.
تعدّ التحركات الإسرائيلية في الضفة الغربية واحدة من أبرز التهديدات التي تواجه مستقبل القضية الفلسطينية، خاصة في ضوء الانشغال الدولي بالأزمة الإنسانية في غزة والدعم الذي لا ينقطع من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
خطوات سريعة نحو الضم الفعلي للضفة الغربية
أفادت صحيفة “هآرتس” العبرية أن يوني دانينو، المسؤول الرفيع في إدارة الاستيطان التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، صرح بأن الضم القانوني للضفة الغربية يتطلب تشريعًا من الكنيست. ومع ذلك، أكد أن الأوضاع على الأرض تدفع الضفة بالفعل نحو هذا الاتجاه.
وأشار دانينو إلى أن إدارة الاستيطان تعمل على “إنشاء حقائق جديدة” تجعل من فرض السيادة الإسرائيلية مسألة وقت، وليست مجرد نقاشات سياسية.
استغلال الحرب والانشغال الدولي
يرى المحللون أن النزاع الجاري في غزة يوفر غطاءً سياسيًا وأمنيًا للحكومة الإسرائيلية، مما يتيح لها تعزيز وجودها في الضفة الغربية دون أن تكون تحت الأضواء.
ومع غياب موقف دولي قوي، وانشغال المجتمع الدولي بالكارثة الإنسانية المتزايدة في غزة، استغلت تل أبيب هذه الظروف لترسيخ سيطرتها الميدانية والقانونية على أراضي الضفة.
توسع استيطاني غير مسبوق في الضفة الغربية
في تصريحات دانينو، تم الإشارة إلى إنشاء 28 مستوطنة جديدة خلال الفترة الحالية، مُعتَبَرَةً تحوليًا نوعيًا في اتجاه الاستيطان.
وأوضح أن هذه المستوطنات ليست عشوائية، بل هي نتائج مشاريع منظمة تسيرها الدولة الإسرائيلية ضمن خطة مدروسة تهدف إلى تغيير الهياكل الديموغرافية والجغرافية في الضفة.
وأضاف أن خطط الحكومة تشمل أيضًا البنية التحتية وطرق جديدة تربط المستوطنات ببعضها، مما يعزز من فكرة الربط الجغرافي داخل “يهودا والسامرة”، وهو الاسم الذي يستخدمه المسؤولون الإسرائيليون للضفة الغربية.
بُعد اقتصادي يعزز الضم
وأشار دانينو إلى أن حوالي 20% من إنتاج الكهرباء في إسرائيل يأتي من مشاريع طاقة متجددة تم إنشاؤها في الضفة الغربية، معتبرًا أن هذا الواقع الاقتصادي يدعم منطق الضم، مما يجعل الحديث عن الانفصال “غير منطقي” حسب رؤيته.
ووفقًا لما نشرته “هآرتس”، شهدت الدورة الشتوية الأخيرة للكنيست موجة من مشاريع القوانين التي تهدف إلى تعزيز الاحتلال وتجاهل حقوق السكان الفلسطينيين، مما أثار قلقًا بين خبراء القانون من إمكانية تحول هذا الواقع إلى نظام فصل عنصري يشبه “الأبرتهايد”، على الرغم من الجهود الإسرائيلية المستمرة لنفي ذلك.
عام السيادة وإلغاء حل الدولتين
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أحد أبرز الشخصيات في اليمين المتطرف، أطلق على عام 2025 لقب “عام السيادة في يهودا والسامرة”، مما يعكس بوضوح نية حكومته في المضي قدمًا بفرض السيادة الكاملة على الضفة، متجاهلًا تمامًا حل الدولتين والوجود الفلسطيني التاريخي في تلك الأراضي.
مستقبل القضية الفلسطينية تحت التهديد
تشير التقارير إلى أنه في الوقت الذي يعاني فيه قطاع غزة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، تبدو الضفة الغربية على حافة فقدان آخر فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وسط صمت دولي وتراخٍ عربي في مواجهة أكثر المراحل خطورة لتصفية القضية الفلسطينية.
اقرأ أيضًا
. تم .
التعليقات