
تتجدد هذه الأيام التوترات المرتبطة بأحداث الساحل السوري والاتهامات التي لاحقت أبناء الطائفة العلوية، وذلك عقب تصريحات أدلت بها مسؤولة في مجال حقوق الإنسان، حيث زعمت أن نساء من الساحل تم اختطافهن وتزويجهن قسريًا في إدلب.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في سوريا في الأيام الماضية اتساعا لحالة الغضب، بعد التصريحات التي أطلقتها مديرة منظمة “عدل وتمكين”، هبة عز الدين، متهمةً فيها فصائل مسلحة في إدلب بالضلوع في عمليات اختطاف نساء من قرى الساحل السوري.
بينما أثارت هذه الادعاءات صدمة في الأوساط العامة، تحركت الجهات المسؤولة في إدلب للقيام بخطوات قانونية ضد عز الدين، في حين ارتفعت الأصوات المطالبة بفتح تحقيق شفاف يكشف الحقائق.
مزاعم حول اختطاف وتزويج النساء من الساحل السوري
في منشور قامت عز الدين بنشره عبر حساباتها الشخصية، قبل أن تحذفه لاحقًا، أشارت إلى أنها التقت بسيدة في إدلب ظهرت عليها علامات غريبة في الشكل والسلوك، مما دفعها للاستفسار حول خلفيتها.
وقد أفادت لاحقًا بأنها اكتشفت أن المرأة قادمة من قرى الساحل السوري، وتم إحضارها إلى إدلب وتزويجها دون علم أو موافقة عائلتها.
كما تحدثت عز الدين عن تلقيها شهادات من ناشطين وعناصر في فصائل محلية تفيد بوجود حالات مشابهة، متهمةً مجموعات من “الجيش الوطني السوري” وبعض المقاتلين الأجانب بالتورط في عمليات اختطاف وتزويج قسري، في انتهاك واضح لحقوق النساء.
إجراءات قانونية ضد مديرة المنظمة في إدلب
في رد فعل على تلك التصريحات، وجهت محافظة إدلب بتحريك دعوى قضائية ضد هبة عز الدين، المعروفة أيضًا باسم هبة الحجي، وذلك بعد انتشار تسجيلات صوتية نسبت إليها، اعتبرتها الجهات المحلية مسيئة للنساء المنقبات و”تحريضاً على القيم الدينية والاجتماعية”.
ووفقًا لوسائل الإعلام السورية، أفاد مهند اليماني، أحد مسؤولي الإعلام في محافظة إدلب، بأن المحافظ محمد عبد الرحمن قد وجه المدعي العام لفتح التحقيق القانوني بحق عز الدين، على خلفية تلك التصريحات التي اعتبرها “تثير الفتنة”.
رد عز الدين على الاتهامات
في توضيح لاحق، نفَت عز الدين صحة التسجيلات الصوتية التي انتشرت بخصوصها، مؤكدة أنها مفبركة، وأوضحت أن مراكز المنظمة تستقبل نساء من مختلف الخلفيات، بما في ذلك المنقبات، دون أي تمييز.
وأضافت أنها تلقت تهديدات، وأن جهة من وزارة الداخلية تواصلت معها بشأن القضية.
وقالت “كل من يعرف عمل منظمتنا يدرك أننا ملتزمون بالمعايير الحقوقية والاحترام الكامل لاختيارات النساء. نحن دائمًا نسأل المتدربات عن رغباتهن في الظهور بالصور أو ارتداء الكمامة. مراكزنا مفتوحة للجميع”.
دعوات للتحقيق الجاد في قضية اختطاف نساء الساحل السوري
مع تصاعد الجدل حول القضية، طالب ناشطون حقوقيون ومؤسسات من المجتمع المدني بضرورة الاستماع لشهادة هبة عز الدين وفتح تحقيق نزيه في القضية.
كما أكدوا أن الاقتصار على الملاحقة القانونية لمدعية تلك الادعاءات، دون التحقق من الوقائع التي أثيرت، قد يؤدي إلى تقويض الثقة بين المواطنين والمؤسسات.
وشددوا على أن التحقق من صحة الادعاءات ينبغي أن يكون أولوية، وأنه في حالة ثبوتها، يجب محاسبة المسؤولين عنها من خلال محاكمات علنية تكشف عن الشبكات المتورطة في انتهاك حقوق النساء.
تمديد عمل لجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري
في إطار آخر، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع عن تمديد عمل لجنة التحقيق الخاصة بأحداث الساحل السوري لمدة ثلاثة أشهر إضافية.
وقد تم تشكيل اللجنة في مارس الماضي بعد موجة من العنف شهدتها قرى الساحل، والتي أسفرت عن مقتل مئات المدنيين والعسكريين.
اللجنة، التي تتألف من سبعة أعضاء، استمعت لشهادات من جهات أمنية وعسكرية، وعقدت لقاء مع لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة في دمشق.
تشير التقارير الحقوقية إلى أن المجموعات المرتبطة بالنظام السابق مسؤولة عن مقتل 420 شخصًا، بينهم كوادر طبية وصحفيون.
قضية حساسة تختبر مصداقية المؤسسات الحكومية
تظل هذه القضية الحساسة محط اهتمام واسع في الأوساط الإعلامية والحقوقية، في ظل ازدياد الترقب لنتائج التحقيقات الجارية، التي قد تشكل اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام السلطات بمعايير الشفافية وحقوق الإنسان، لاسيما في مرحلة ما بعد النزاع ومحاولات إعادة بناء النسيج الاجتماعي السوري.
اقرأ أيضًا
.
التعليقات