استعدادات عسكرية مثيرة جسر جوي أمريكي على غرار حرب أكتوبر .. لماذا تستعد إسرائيل بترسانة صواريخ

جسر جوي أمريكي مستلهم من حرب أكتوبر  .. في أحد أيام عيد الفصح الهادئة عام 2025، سادت سماء الشرق الأوسط أصوات الطائرات العسكرية الأمريكية. حيث تم الكشف عن 8 طائرات نقل من طراز C-17A Globemaster III التابعة لسلاح الجو الأمريكي، والتي كانت تحت قيادة النقل الجوي، تقوم بنقل أنظمة الدفاع الجوي من قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا إلى قاعدة نيفاتيم الجوية في الجنوب الإسرائيلي.

جسر جوي أمريكي و25 رحلة لطائرات النقل العملاقة C-17

لم تكن تلك العملية التي ظهرت على منصة flightradar24 مجرد رحلة عنوانها الروتينية. فمنذ العاشر من أبريل الجاري، هبطت 25 رحلة جوية مذهلة لطائرات C-17 في قاعدة نيفاتيم، ومعظمها مرتبط بمهمة واحدة هي تعزيز الدفاعات الإسرائيلية.

تشير هذه الرحلات، التي انطلقت من فورت بليس وفورت كافازوس في ولاية تكساس، إلى جهد لوجستي كبير من الولايات المتحدة لتقوية حليفها الأساسي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية. فما هي الدوافع وراء هذا الجسر الجوي الضخم، وما الذي يكشفه عن الاستراتيجية العسكرية للبنتاغون في هذه المنطقة المضطربة

قاعدة رامشتاين الجوية .. المحور الرئيسي للجسر الجوي

تعد نطاق العملية مثيرًا للإعجاب. فتنسيق ثماني طائرات من طراز C-17 في يوم واحد يتطلب تخطيطًا دقيقًا، مما يعكس تفوق سلاح الجو الأمريكي في التخطيط اللوجستي. تعتبر قاعدة رامشتاين الجوية، الكائنة في ولاية راينلاند بالاتينات في ألمانيا، المركز الرئيسي للعمليات العسكرية الأمريكية في أوروبا وما بعدها.

وتمكنها موقعها الاستراتيجي من تحقيق وصول سريع إلى منطقة الشرق الأوسط، ما يجعلها نقطة انطلاق مثالية للعمليات الحساسة من الناحية الزمنية.

قاعدة نيفاتيم مركز مقاتلات F-35 ومنظومة ثاد الصاروخية

تتسم قاعدة نيفاتيم الجوية، الموجودة في صحراء النقب في إسرائيل، بأهمية استراتيجية. فهي واحدة من كبرى القواعد التي يديرها سلاح الجو الإسرائيلي، وتضم طائرات متطورة مثل مقاتلات الشبح F-35، كما تشكل نقطة انطلاق لأنظمة الدفاع الصاروخي، بما في ذلك مجموعة من بطاريات نظام الدفاع الجوي الصاروخي عالي الارتفاع “ثاد” التابعة للجيش الأمريكي المنتشرة بالقرب منها.

يعكس اختيار نيفاتيم بنيتها التحتية المتقدمة وقربها من التهديدات المحتملة، مما يجعلها حصنًا منيعًا لمواجهة أي هجمات صاروخية.

ما هي محتويات الشحنات في الجسر الجوي الأمريكي

من المحتمل أن تشمل الحمولة على متن طائرات C-17 أنظمة دفاع جوي متقدمة، ومن أبرزها نظاما ثاد وباتريوت باك-3. فقد تم تفعيل نظام ثاد الأمريكي من قبل إسرائيل لحماية نفسها من صواريخ الحوثيين.

تم تصميم نظام ثاد، الذي طورته شركة لوكهيد مارتن، لاعتراض الصواريخ الباليستية على مدى قصير ومتوسط خلال مراحل نهائية من مسيرتها، باستخدام الطاقة الحركية لتدمير الأهداف بسرعات تفوق سرعة الصوت.

تتضمن كل بطارية ست منصات إطلاق، وما يصل إلى 48 صاروخًا اعتراضيًا، ونظام راداري، ووحدة تحكم لإطلاق النار، مما يتطلب دعمًا لوجستيًا هائلًا. كما يعتبر نظام باتريوت PAC-3، أيضًا من إنتاج شركة لوكهيد مارتن، مكملًا لنظام ثاد، حيث يستهدف التهديدات التي تحلق على ارتفاعات منخفضة، مثل صواريخ كروز والطائرات بدون طيار.

نُشر كلا النظامين في إسرائيل في السنوات الأخيرة، حيث نجح نظام ثاد في اعتراض صاروخ حوثي لأول مرة في ديسمبر 2024. وتدل الحاجة الملحة لهذه الشحنات على استجابة مباشرة للتهديدات المتزايدة، خاصة من إيران ووكلائها، مثل الحوثيين الذين أطلقوا صواريخ باليستية وطائرات مسيرة استهدفت إسرائيل في عامي 2024 و2025.

تنامي نفوذ إيران القلق في تل أبيب

تظهر الهجمات الصاروخية الإيرانية على نيفاتيم في أبريل وأكتوبر 2024، والتي لم تؤدِ إلا إلى أضرار طفيفة كما أوضحت صور الأقمار الصناعية، تنامي نفوذ خصوم إسرائيل وزيادة التوتر في المنطقة.

الشرق الأوسط برميل بارود أصبح قابلاً للاشتعال!

تمتد الآثار الجيوسياسية لهذا الجسر الجوي إلى ما وراء حدود إسرائيل. فالأوضاع في الشرق الأوسط لا تزال متوترة، حيث تزيد الطموحات النووية الإيرانية ودعمها لجماعات مثل حزب الله والحوثيين من توتر الأجواء.

تزامن نشر الولايات المتحدة لبطارية ثاد ثانية في إسرائيل، والذي تم الإبلاغ عنه في 5 أبريل الجاري، مع تعثر المحادثات النووية مع طهران.

وقد أثار تخصيب إيران لليورانيوم إلى مستويات تصل إلى 60%، كما ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، مخاوف جدية، مما دفع العديد من المسؤولين الأمريكيين، بما في ذلك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلى تحذيرات من إمكانية تنفيذ عمليات عسكرية.

تاريخ الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل

يسجل التاريخ أن الولايات المتحدة غالبًا ما استخدمت الجسور الجوية لإظهار قوتها ودعم حلفائها تحت الضغط. فعلى سبيل المثال، شهدت عملية “نيكل غراس” عام 1973 إرسال طائرات C-5 وC-141 لتسليم دبابات وذخائر لإسرائيل خلال حرب يوم الغفران، مما ساعد في إمداد دولة كانت على حافة الهزيمة.

شمل هذا الجهد، الذي استمر لأسابيع، 567 مهمة، وسلم 22395 طناً من المعدات، وفقًا لوكالة أبحاث القوات الجوية التاريخية.

ورغم أن العملية الحالية تعد أصغر حجمًا، إلا أنها تعتمد على تكنولوجيا متطورة ومنظومة دعم جوي أكثر مرونة. تعكس قدرة طائرات C-17 على نقل شحنات حساسة في الوقت المحدد مباشرةً إلى نيفاتيم دون الحاجة إلى الاعتماد على قواعد وسيطة، تطورًا كبيرًا في عقيدة النقل الجوي الأمريكية.

يسلط الجسر الجوي الحالي الضوء على قدرة الولايات المتحدة على الاستجابة السريعة والدقة، وهو مصمم خصيصًا لمنطقة تتطور فيها التهديدات بشكل أسرع من إمكانية إنشاء دفاعات دائمة.

لا تقتصر أهمية هذا الجسر الجوي على تأثيره الفوري فقط، بل تتضمن نذيرًا بوجود تحديات أكبر. حيث تُعد شبكة الدفاع الإسرائيلية متعددة الطبقات، التي تضم ثاد، باتريوت، آرو ومقلاع داود، من بين الأكثر تطورًا عالميًا، لكنها تواجه ضغوطًا متزايدة من خصوم يمتلكون ترسانات صاروخية متزايدة.

هل سيؤدي دعم إسرائيل إلى ردع إيران أم إلى تصعيد الأوضاع

مع النظر إلى المستقبل، يُثير الجسر الجوي تساؤلات حول موقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط على المدى الطويل.

هل سيساهم هذا الدعم في ردع إيران ووكلائها، أم سيزيد من حدة التوتر والأزمات وهل يمكن للولايات المتحدة الاستمرار في تقديم هذا المستوى من الدعم في ضوء التزاماتها العالمية المتزايدة، من النزاع في أوكرانيا إلى مناطق المحيطين الهندي والهادئ

اقرأ أيضًا

.