ستراتيجية جديدة البيت الأبيض يتحرك.. حملة لإنقاذ أمريكا من أزمة انخفاض المواليد

القاهرة ()- في الوقت الذي تزداد فيه المخاوف بشأن تراجع معدلات المواليد في الولايات المتحدة، يقوم البيت الأبيض بدراسة مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى تحفيز المواطنين الأمريكيين على الزواج وإنجاب الأطفال.

بدأت إدارة ترامب، التي تتبنى سياسات تدعم الأسرة، باتخاذ خطوات من شأنها عكس الاتجاه التنازلي لمعدلات المواليد، مستمدة إلهامها من القوى الثقافية اليمينية الداعية لفكرة الإنجاب.

تتوافق هذه الجهود مع أهداف سياسية أوسع تهدف إلى تعزيز القيم الأسرية التقليدية، في ظل مواجهة التحديات الديموغرافية المستقبلية.

مبادرات لتحفيز الخصوبة ومعدل المواليد

من بين الأفكار التي تم طرحها أمام مساعدي البيت الأبيض مجموعة من الاقتراحات الجريئة. من أبرز هذه الاقتراحات مفهوم “مكافأة المولود”، والذي يقضي بتقديم 5000 دولار نقدًا للأمهات الأمريكيات بعد ولادة أطفالهن.

تشمل الاقتراحات الأخرى تخصيص جزء من المنح الدراسية المرموقة، مثل زمالة فولبرايت، للمتقدمين المتزوجين أو الذين لديهم أطفال، بهدف تشجيع إقامة الأسر بين الجيل القادم من القادة.

علاوة على ذلك، تم اقتراح تمويل برامج تعليمية حول الدورة الشهرية لمساعدن على فهم الخصوبة والإباضة بشكل أفضل، مما سيساعد النساء على التخطيط للحمل بشكل أكثر فاعلية، ويعزز الهدف الوطني في زيادة معدلات المواليد.

تتمتع هذه الاقتراحات، التي يزداد دعم بعضها، بجاذبية متزايدة بين الحلفاء المحافظين، مثل نائب الرئيس جيه دي فانس ورائد الأعمال إيلون ماسك، الذين يعبرون عن قلقهم بشأن تراجع معدلات المواليد في البلاد. يبدو أن إدارة ترامب تستمع بانتباه إلى الأصوات المتزايدة التي تدعو إلى تحول ثقافي نحو سياسات أكثر تركيزًا على الأسرة.

تنامي مفهوم “الإنجاب المشجع” والدعم السياسي له

ينطلق من قلب هذه الحركة مفهوم “الإنجاب المشجع”، الذي يعتقد أن المجتمعات يجب أن تدعم زيادة معدلات المواليد. يعكس هذا التوجه، الذي يُروّج له من قبل شخصيات بارزة داخل إدارة ترامب، مخاوف من أن تراجع عدد السكان في سن العمل قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي والشبكة الاجتماعية على المدى الطويل.

تظهر الناشطة سيمون كولينز، التي تروج لقضية الإنجاب، ثقتها بإمكانية أن يصبح موضوع الخصوبة محوريًا في إدارة ترامب. وتشير إلى الأهمية الرمزية لمشاركة نائب الرئيس فانس وغيره من المسؤولين في الفعاليات مع أطفالهم، مما يعكس التزام الإدارة بنمو الأسرة.

بالإضافة إلى ذلك، اقترحت كولينز تطوير تدابير مثل منح “الوسام الوطني للأمومة” للأمهات اللاتي يلدن ستة أطفال أو أكثر، مما يعكس التوجه نحو تعزيز إنجاب المزيد من الأطفال في إطار الأسرة التقليدي.

الإجراءات المحتملة على الصعيدين التشريعي والتنفيذي

رغم أن إدارة ترامب لم تؤكد بعد عن الاقتراحات التي ستقوم بتنفيذها، يتوقع كثيرون تغييرات ملحوظة في السياسات المتعلقة بالأسرة في القريب العاجل. مثلاً، تعمل الإدارة على إعداد تقرير قد يقترح سبلًا لجعل التلقيح الاصطناعي (IVF) أكثر تكلفةً وقابلية للوصول، وهو موضوع يثير جدلاً داخل الحركة المؤيدة للأسرة.

بينما تعارض بعض الجماعات المحافظة التلقيح الاصطناعي لأسباب أخلاقية، أيدت جماعات أخرى، بما في ذلك ماسك، هذا الإجراء كوسيلة لمعالجة مشاكل الخصوبة.

يحظى اقتراح “مكافأة الطفل” أيضًا بدعم متزايد، وسط دراسة لسن تشريعات تخص تقديم دعم مالي للآباء الجدد بعد الولادة. قد تأخذ هذه الحوافز شكل مدفوعات نقدية أو إعفاءات ضريبية موسعة للأطفال، بما يهدف إلى تخفيف العبء المالي لتربية الأطفال.

التوتر بين القيم والسياسات المتعلقة بالخصوبة

تظهر إحدى النقاط الرئيسية المثيرة للجدل داخل هذه الحركة في نظرتها للخصوبة. تدعو بعض الفصائل، مثل مؤسسة التراث، إلى “الطب التناسلي الترميمي”، والذي يركز على معالجة الأسباب الكامنة وراء العقم، مثل الانتباذ البطاني الرحمي، بدلاً من الاعتماد فقط على التلقيح الاصطناعي.

يركز هذا المنظور على تعزيز الوعي بالخصوبة الطبيعية، بما في ذلك تقنيات تتبع الدورة الشهرية، بدلاً من تطبيق التدخلات الطبية مثل التلقيح الاصطناعي، وهو الأمر الذي يعتبرونه الملاذ الأخير.

ومع ذلك، فإن هذا النهج واجه انتقادات من قبل خبراء طبيين. فقد أشارت الدكتورة إيف فاينبرغ، أخصائية الخصوبة في جامعة نورث وسترن، إلى ضرورة اعتماد القرارات الطبية على الأدلة بدلاً من المناهج التي تدعم الأيديولوجيات أو الديانات المختلفة. ورغم وجود خلافات، يتزايد الإجماع على أهمية زيادة التمويل المخصص للخصوبة والصحة الإنجابية.

سياسات الأسرة في إطار السياق الأوسع

لا يقتصر الهدف النهائي لهذه الحركة على رفع معدلات المواليد فحسب، بل يسعى أيضًا لترسيخ القيم الأسرية التقليدية، خصوصًا فكرة الزواج بين الرجل والمرأة. ويرى البعض أن هذه الأجندة تمثل جزءاً من جهود ثقافية أوسع لتعزيز رؤية محافظة للحياة الأسرية، تتناقض مع المفاهيم التقدمية حول تنوع الأسرة.

في حين أن بعض السياسات قد تتطلب موافقة الكونغرس، مثل توسيع نطاق الإعفاء الضريبي للأطفال، يمكن تنفيذ سياسات أخرى عبر أوامر تنفيذية، مثل التقرير المتعلق بتكاليف التلقيح الاصطناعي.

كما تركز الإدارة على الأسر من خلال سياسات النقل، ساعيةً لتخصيص المزيد من التمويل للمناطق ذات معدلات المواليد والزواج الأعلى، وهو الأمر الذي قد يؤثر على هيكلية النقل الحضري.

مستقبل السياسات المتوجهة للأسرة

بينما تُقيّم إدارة ترامب هذه الاقتراحات، لا يوجد توافق واضح حول أفضل السبل لزيادة معدلات المواليد. فما زالت هذه الحركة في مراحلها الأولية، ولا تزال الفعالية المحتملة لهذه السياسات غير مؤكدة.

لكن من المتوقع أن يبقى تركيز الإدارة على القيم الأسرية والخصوبة قضية بارزة خلال السنوات المقبلة، مما يشير إلى تحول نحو دعم أكبر للهياكل الأسرية التقليدية في السياسة الأمريكية.

. تم .

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *