استعراض عسكري مقاتلات J-10 الصينية تحلق أعلى سفن أمريكية خلال المناورات مع مصر.. هل تهدد بكين واشنطن

أثارت صورة تم تداولها لمقاتلات J-10 الصينية أثناء مشاركتها في مناورات “نسور الحضارة 2025” الجوية، والتي تجمع بين القوات الجوية الصينية والمصرية، العديد من التساؤلات بين محللي الدفاع والخبراء العسكريين المهتمين بالشأن العسكري على مستوى العالم.

ظهرت المقاتلات الصينية وهي تحلق فوق ميناء الملك فهد في ينبع، بالسعودية، الذي يُعتبر نقطة لوجستية رئيسية ترسو فيه سفن البحرية الأمريكية لتزويد حاملة الطائرات USS Harry S. Truman بالمؤن.

مقاتلات J-10 الصينية فوق السفن البحرية الأمريكية في البحر الأحمر

تشكل هذه المشاهد غير العادية، والتي وُثّقت قبل أيام من نشر الصورة، حالة خاصة حيث تعمل طائرات عسكرية صينية بالقرب من أصول بحرية أمريكية في منطقة تاريخيًا تُعتبر قلب النفوذ الأمريكي.

على الرغم من عدم تصنيف هذه الحادثة كعدائية، إلا أنها تستدعي التأمل حول كيفية توسيع الصين لوجودها العسكري وتعزيز علاقاتها مع السعودية، وما قد يترتب على ذلك من تداعيات على العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط. فما الذي تعنيه هذه الطلعة، وكيف تتماشى مع السياق الجيوسياسي الأوسع

الصين تستهدف المراقبة فوق القواعد البحرية الأمريكية

التحليق فوق ميناء الملك فهد، الذي يُعتبر نقطة حيوية في الشبكة اللوجستية للبحرية الأمريكية، يُظهر عملية إصطناعية محتملة تهدف إلى جمع المعلومات الاستخبارية. تُعتبر موانئ مثل ميناء الملك فهد مواقع استراتيجية تُستخدم لتخزين الإمدادات والوقود والذخائر، مما يجعلها أهدافاً رئيسية للتجسس الإلكتروني.

يمكن أن يكون قد تم استخدام حساسات طائرة J-10C لمراقبة الاتصالات اللاسلكية، أو التقاط بصمات الرادار، أو متابعة تحركات السفن، وبالتالي الحصول على معلومات قيمة حول الأنشطة البحرية الأمريكية. مثل هذه الأنشطة شائعة في المنافسات العسكرية، حيث تجري الدول عمليات استطلاع روتينية لتقييم قدرات خصومها.

ومع ذلك، يُظهر وجود هذه الطائرات في الأجواء السعودية، بالقرب من مناطق القوة التقليدية للولايات المتحدة، تحولًا ملحوظًا في التوازن الإقليمي.

مشاركة مقاتلات J-10 في مناورات مع مصر

تحليق مقاتلات J-10 فوق ينبع جاء في سياق وصول مجموعة من القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني، حيث تضم تلك المجموعة مقاتلات J-10 للمشاركة في مناورات “نسور الحضارة 2025” المشتركة مع مصر.

يمثل هذا الانتشار، المدعوم بطائرات النقل الاستراتيجية شيآن Y-20، أول تعاون جوي بين الصين ومصر، مما يبرز جهود بكين المتواصلة لتوسيع نفوذها العسكري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وربما يكون قرب المساحة الجوية للسعودية من المناورات في مصر قد يسهل من وجود طائرات J-10 في الأجواء فوق ينبع.

يُحتمل أن تكون هذه الطائرات قد حصلت على إذن من الرياض للاجتياز عبر مجالها الجوي، وهي خطوة تُعبر عن سعي المملكة لتحقيق توازن بين حلفائها التقليديين من الغرب وشركائها الجدد مثل الصين.

شهد الوجود العسكري الصيني في منطقة الشرق الأوسط نمواً ملحوظاً على مدار العقد الماضي، مدفوعًا بالمصالح الاقتصادية والرؤية الاستراتيجية، حيث تُعتبر السعودية شريكاً رئيسياً لبكين.

في عام 2022، أبرمت الدولتان اتفاقية أسلحة بقيمة 4 مليارات دولار شملت طائرات بدون طيار وصواريخ باليستية، مما يعكس تعميق التعاون الدفاعي بينهما.

القلق الأمريكي من تقليص نفوذها

يطرح هذا الحادث تساؤلات حول أمن الأنشطة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. تُعتبر حاملة الطائرات USS Harry S. Truman بمثابة قلعة متحركة تُتيح للولايات المتحدة نشر قوتها الاستراتيجية في المنطقة.

يقوم جناحها الجوي، الذي يحتوي على طائرات من طراز “F/A-18 Super Hornet” و”E/A-18G Growler” و”E-2D Hawkeye”، بأداء مهام متنوعة تشمل القصف وجمع المعلومات الاستخباراتية.

وتشكل وجود حاملة الطائرات في البحر الأحمر، بالقرب من ينبع، جزءًا من استراتيجية أمريكية لإدارة التهديدات، مثل تلك التي يمثلها الحوثيون في اليمن، الذين استهدفوا ممرات الشحن بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

هل نشهد تحول الشرق الأوسط إلى ساحة لتنافس عسكري بين الولايات المتحدة والصين

يتميز حادث ينبع بسياقه الجغرافي الفريد؛ فالشرق الأوسط لا يُعتبر ساحة تقليدية للتنافس العسكري بين الولايات المتحدة والصين، مما يجعل وجود الطائرات الصينية جديرًا بالملاحظة بشكل خاص.

هذا الأمر يعكس ثقة الصين المتزايدة في قدرتها على توسيع وجودها العسكري بعيدًا عن حدودها، وهي قدرة كانت محدودة قبل حلول عقد من الزمن.

دخول الطائرات الصينية إلى الأجواء السعودية تحول في الاستراتيجية

لكن التداعيات الجيوسياسية لهذا الحدث تتمتع بأهمية بالغة. فاستعداد السعودية للسماح للطيران العسكري الصيني بالدخول إلى مجالها الجوي، حتى لو كان ذلك عبوراً، يُشير إلى تحول استراتيجي في تفكيرها.

يتوقف ما إذا كانت هذه الواقعة ستؤدي إلى تفاقم التوترات أم ستتحول ببساطة إلى جزء من الروتين العسكري على كيفية تفاعل الولايات المتحدة والصين والسعودية مع المصالح المتنافسة بينها.

يبقى السؤال مطروحًا مع تزايد النفوذ العسكري الصيني، هل ستتمكن الولايات المتحدة من الاحتفاظ بسيطرتها في منطقة لطالما كانت في قبضتها

ً

.
تم .