
أنور السادات.. في تطور غير مسبوق، قامت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية بنشر مقطع فيديو عالي الجودة يسلط الضوء لأول مرة، بالصوت والصورة، على التفاصيل الدقيقة لعملية اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات، والتي وقعت خلال العرض العسكري السنوي في 6 أكتوبر 1981 بمدينة نصر، القاهرة، احتفالًا بالذكرى الثامنة لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة.
يعتبر هذا الفيديو توثيقًا حيًا لحظات تاريخية أثرت في مجريات السياسة المصرية والعربية لعقود طويلة، حيث سُمعت أصوات منفذ الهجوم وصراخ الحاضرين، في مشهد لا يزال عالقًا في الذاكرة الوطنية.
محتوى الفيديو تفاصيل دقيقة حول لحظة الهجوم
كشف الفيديو عن لحظة نزول الملازم أول خالد الإسلامبولي، أحد أفراد الجماعة الإسلامية آنذاك، من إحدى المركبات العسكرية المشاركة في العرض، حيث اندفع نحو المنصة الرسمية التي كان يجلس عليها الرئيس السادات، وبرفقته نائبه حينها محمد حسني مبارك ووزير الدفاع المشير عبد الحليم أبو غزالة.
وعند وصوله إلى منطقة المنصة، فتح الإسلامبولي النار بشكل عشوائي وعنيف وهو يصرخ بشعارات تحفيزية، بينما حاول الحراس التصدي للهجوم وسط حالة من الفوضى والذعر. أسفر هذا الهجوم الدموي عن مقتل الرئيس السادات وإصابة عدد من المسؤولين والمرافقين، قبل أن يتم القبض على الإسلامبولي ورفاقه المشاركين في العملية.
تحليل أمني هل يحمل الفيديو رسالة تهديد ضمنية
وفي إطار التعليق على توقيت نشر الفيديو، أشار الخبير الأمني المصري محمد مخلوف إلى أن هذه الخطوة قد لا تكون مجرد تصرف بريء أو إعادة أرشفة لمشهد تاريخي، بل ربما تحمل رسائل ضمنية تهديدية موجهة إلى القيادة المصرية، وأيضًا إلى بعض الدول في المنطقة التي تعاني من توترات سياسية، مثل الأردن.
وأكد مخلوف أن نشر هذا الفيديو قد يمثل “تكليف إيحائي” لإعادة التذكير بإمكانية تكرار هذا السيناريو الدموي، لاسيما بعد فشل العديد من المحاولات لزعزعة الاستقرار في مصر بفضل يقظة الأجهزة الأمنية وقدرتها على إحباط أي اختراقات للأمن القومي.
السادات الرئيس الذي واجه الجماعة حتى النهاية
وأكد مخلوف أن الرئيس الراحل أنور السادات كان من أبرز المعارضين للجماعات الدينية المتشددة، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، وقد واجههم بشجاعة عندما أدرك الخطر الذي يشكّلونه على الدولة. كما أن توقيع السادات على اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل أدى إلى نتائج عكسية، إذ أثار استنكارًا واسعًا داخل أوساط الجماعة والجماعات المتطرفة، مما تسبب في استهدافه بشكل علني وأمام عدسات الكاميرات، في حادث مأساوي يرمز إلى نهاية رجل صمد في وجه التطرف.
خبير أمني الفيديو ليس عابرًا بل هو “رسالة تضليل”
وفي تصريح آخر، أشار اللواء عادل عزب، الرئيس السابق لإدارة مكافحة الإرهاب والنشاط المتطرف بجهاز الأمن الوطني، إلى أنّ توقيت نشر الفيديو ليس عشوائيًا، بل يبدو أنه جزء من خطة دعائية إلكترونية تحركها الجماعة أو من يرتبط بأفكارها بشكل سري.
وأضاف عزب أن هذا الظهور المفاجئ يعكس محاولة لإثارة الخوف والتشويش على القرار السياسي في الأردن، الذي يشهد تصاعدًا سياسيًا ملحوظًا، مع تزايد الضغوط الشعبية والسياسية لحظر حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يمثل الواجهة السياسية لجماعة الإخوان في الأردن.
“إذا صرخت الجماعة.. فهذا يعني أنها تلقت ضربة مؤلمة”
أضاف اللواء عزب أن الجماعة تتحرك فقط عندما تشعر بتهديد حقيقي لمصالحها، لذا فإن بث هذا الفيديو قد يكون رد فعل حقيقي على تقدم جاد في مواجهة الفكر المتطرف، مشددًا على أهمية أن تُعتبر مثل هذه الرسائل حافزًا للاستمرار في اتخاذ القرارات السيادية، كحظر الأحزاب ذات ية الدينية، مع ضرورة تعزيز أدوات التصدي الأمني والقانوني.
استدعاء الماضي تحذير أم توثيق تاريخي
في إطار الأوضاع السياسية المعقدة التي تشهدها بعض البلدان العربية، لا يمكن تجاهل العلاقة بين توقيت نشر الفيديو والسياق السياسي الحالي. فبينما يعتبره البعض توثيقًا تاريخيًا لمحطة هامة، يرى آخرون أن من الممكن أن تكون له رسالة مشفرة لإحياء فكر العنف.
وفي كل الأحوال، تبقى ذكرى اغتيال السادات لحظة متجذرة في ذاكرة التاريخ، ليس فقط لبشاعتها، بل لأنها تجسد الصراع المستمر بين الدولة المدنية الحديثة وقوى التطرف التي تهدد استقرارها بين الحين والآخر.
التعليقات