
النور المقدس .. يحتفل المسيحيون اليوم، السبت 19 أبريل 2025، بواحدة من أكثر المناسبات الدينية أهمية وقدسية في التقويم المسيحي، وهي “سبت النور”، المعروف أيضًا بـ”سبت الفرح”. يُمثل هذا اليوم بمثابة الليلة المقدسة التي تسبق عيد القيامة المجيد، والذي سيُحتفل به يوم الأحد الموافق 20 أبريل 2025، في جميع الكنائس المسيحية، وعلى وجه الخصوص الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي تمنح هذا العيد مكانة روحية بارزة.
طقوس سبت النور وعيد القيامة المجيد في الكنيسة القبطية
تشهد الكنائس القبطية الأرثوذكسية في مصر وخارجها اليوم، إقامة قداسات عيد القيامة المجيد. هذا الاحتفال يتم في كافة الإيبارشيات، حيث تُقام صلوات القداس مساءً بمشاركة حشد كبير من الأقباط في أجواء تتسم بالروحانية والفرح.
وفي الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية، يترأس قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، قداس عيد القيامة المجيد في تمام الساعة التاسعة مساءً، حيث يشارك عدد كبير من المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة، بالإضافة إلى حضور شعبي ورسمي واسع، من خلال دعوات رسمية خاصة للمشاركة في هذه الليلة المباركة.
سبت النور.. قصة المعجزة التي تُنتظر سنويًا
يُعتبر أحد أبرز سمات يوم سبت النور هو ترقب العالم المسيحي لمعجزة “النور المقدس” التي تتدفق من داخل قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة بالقدس. تُعتبر هذه اللحظة واحدة من أكثر الأحداث أهمية في الطقوس القبطية، حيث تُعد دليلاً سنويًا حيًا على قيامة السيد المسيح ونصره على الموت.
تفاصيل معجزة خروج النور المقدس من قبر المسيح
وفقًا للمعتقدات الكنسية، ينطلق النور المقدس بشرح طريقة معجزية كل عام في هذا اليوم من داخل القبر المقدس، دون أي تدخل بشري أو وسائل إشعال صناعية. تبدأ التحضيرات لهذه المعجزة في تمام الساعة العاشرة صباحًا بتوقيت القدس، حيث تُجري السلطات الكنسية والوفود الرسمية تفتيشًا شاملًا لقبر السيد المسيح داخل كنيسة القيامة، للتأكد من عدم وجود أي مصدر صناعي للنور أو النار.
يتم التأكد من خلو القبر من أي مواد قابلة للاشتعال، ثم يدخل بطريرك الروم الأرثوذكس إلى القبر بعد أن يخضع للتفتيش شخصياً ويتجرد من ملابسه الرسمية، ليضمن الجميع عدم حمله لأي أداة إشعال، وبعد ذلك يُغلق باب القبر، ويبدأ في ترديد صلوات خاصة طلبًا لانبثاق النور.
الشموع الـ33.. رمزٌ مقدس
بينما ينتظر آلاف الناس المحتشدين أمام الكنيسة انبعاث النور، تتعالى الترانيم والأدعية، ويردد المحتفلون عبارة “كيريا ليسون” والتي تعني “يا رب ارحم”. وبعد لحظات، يُضيء النور المقدس فوق حزمة من 33 شمعة بيضاء يحملها البطريرك، في إشارة رمزية تعود إلى عمر السيد المسيح عند صلبه.
بعد مغادرة البطريرك من القبر، يبدأ بتوزيع النور على الحاضرين، الذين يتباركون به، ويشعلون شموعهم وسط أجواء روحية تعمها المشاعر الإيمانية والفرح بقيامة السيد المسيح.
ميزات النار المقدسة كما تؤمن بها الكنيسة
تشير الكنيسة إلى أن النار التي تخرج من قبر السيد المسيح لا تُحرق في الدقائق الأولى بعد ظهورها، بل يمكن للمؤمنين لمسها دون أي خطر. وتُعتبر هذه الظاهرة معجزة فريدة تُشاهد سنويًا منذ قرون، وترمز بقوة إلى قيامة المسيح والنور الإلهي.
احتفالات روحية في كنائس العالم تتزامن مع الاحتفالات في كنيسة القيامة، حيث تُقام طقوس مشابهة في الكنائس الأرثوذكسية في مختلف دول العالم، ويتم نقل النور المقدس إلى عدة بلدان، وتُقام قداسات احتفالية كبيرة في ليلة عيد القيامة. تعد هذه المناسبة من أهم الأعياد التي يحتفل بها المسيحيون الأرثوذكس، حيث تجسد انتصار الحياة على الموت، والفرح على الحزن، وتُعيد إحياء الإيمان بالقيامة والخلود.
يعتبر سبت النور وعيد القيامة المجيد فرصة لتجديد الإيمان وتشجيع الرجاء والفرح بين المسيحيين. فهو لا يمثل مجرد حدث ديني عابر، بل يشكل لحظة نور حقيقية، ينتظرها الملايين كل عام للاحتفال بانتصار السيد المسيح على الموت، وبداية جديدة للسلام والمحبة في قلوب المؤمنين.
التعليقات