
شهد الدين الخارجي لجمهورية مصر العربية تغييرات جوهرية على مدار السنوات الخمس الماضية، حيث تعكس هذه التغيرات الجهود المستمرة من قبل الحكومة لضبط هيكل المديونية الخارجية والتخفيف من الأعباء المترتبة على الالتزامات الدولية التي تُثقل الاقتصاد الوطني. ووفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي المصري، لوحظ بداية تراجع في حجم الدين الخارجي، مما يدل على نجاح السياسات المالية المتبعة.
تغيرات الدين الخارجي لمصر على مدار 5 سنوات
خلال الفترة ما بين العام المالي 2019/2020 والعام المالي 2023/2024، شهد الدين الخارجي المصري تقلبات ملحوظة. فقد ارتفع في البداية تدريجيًا حتى وصل إلى ذروته في العام المالي 2022/2023، ليبدأ بعدها في التراجع في السنة التالية، كالتالي
حجم الدين الخارجي لمصر في 2019/2020
بلغ الدين الخارجي نحو 123.5 مليار دولار.
حجم الدين الخارجي لمصر في 2020/2021
ارتفع هذا الرقم إلى حوالي 137.9 مليار دولار.
حجم الدين الخارجي لمصر في 2021/2022
استمر في التزايد ليصل إلى 155.7 مليار دولار.
حجم الدين الخارجي لمصر في 2022/2023
سجل أعلى مستوى له عند 164.7 مليار دولار.
حجم الدين الخارجي لمصر في 2023/2024
تقلص إلى 155.09 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2024، بانخفاض قدره 9.6 مليار دولار مقارنة بالعام السابق.
ويرجع هذا الانخفاض أساسًا إلى صفقة استثمارية ضخمة تمثلت في بيع حقوق تطوير منطقة “رأس الحكمة” للإمارات، والتي بلغت قيمتها حوالي 35 مليار دولار، مما أسهم في زيادة احتياطي النقد الأجنبي وساعد في سداد جزء من الالتزامات الخارجية.
أهداف الدين الخارجي لمصر في العام المالي 2025/2026
في إطار خطة شاملة لإدارة الدين، تسعى الحكومة المصرية إلى خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 81% بحلول نهاية العام المالي 2025/2026، مقارنة بنسبة تقدر بـ 85% خلال العام المالي الحالي 2024/2025.
وتتطلع الحكومة إلى تطبيق ضوابط صارمة مع وضع سقف للدين الخارجي والتركيز على أدوات تمويل أكثر كفاءة واستدامة على المدى المتوسط، مما يساعد على تعزيز الاستقرار المالي وزيادة ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري.
كما تعمل وزارة المالية والبنك المركزي على تأمين مصادر تمويل ميسّرة لسداد هذه الالتزامات دون التأثير على الاحتياطيات الأجنبية أو إنفاق الدولة.
استراتيجية الحكومة لخفض الدين
تستند الحكومة إلى خطة شاملة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي، خصوصًا القروض قصيرة الأجل، مع تعزيز مصادر الإيرادات الدولارية. تشمل الملامح الرئيسية لهذه الاستراتيجية
زيادة الصادرات السلعية والخدمية من خلال تشجيع الصناعة الوطنية والتوسع في الأسواق الخارجية.
تعزيز الإيرادات من السياحة عبر إطلاق مبادرات لجذب السياح وزيادة الإنفاق الأجنبي.
تحفيز تحويلات المصريين المغتربين التي تُعتبر من أكبر المصادر للنقد الأجنبي.
تنويع مصادر التمويل والاعتماد على التمويل طويل الأجل منخفض التكلفة بالتعاون مع شركاء دوليين ومؤسسات تمويلية تنموية.
تحسين إدارة الدين العام باستخدام أدوات حديثة لتقليل تكاليف الاقتراض والتخفيف من العبء على الموازنة العامة.
تعزيز الصادرات
تتبع الحكومة المصرية استراتيجية شاملة لتعزيز صادراتها وتقليص العجز في الميزان التجاري، من خلال تنفيذ مجموعة من البرامج التي تشمل تقديم حوافز للمصدرين، وتقليل تكاليف الشحن، ودعم التسويق الخارجي، بالإضافة إلى توفير تمويل ميسر.
وتهدف الحكومة إلى تعزيز التصنيع المحلي وتوسيع قاعدة الإنتاج، وبالتالي تقليل الاعتماد على الواردات، مما يساهم في تحسين الميزان التجاري.
مبادلة الديون
تعمل الحكومة المصرية على تنفيذ خطة لمبادلة جزء من ديونها الخارجية باستثمارات داخل البلاد، حيث تستهدف تحويل حوالي 38% من هذه الديون إلى استثمارات في مشروعات تنموية.
وقد بدأت مصر فعليًا في تنفيذ هذه الخطة من خلال توقيع اتفاقيات مع دول مثل الصين لتحويل ديون مستحقة إلى استثمارات في مشاريع تنموية خضراء.
سداد الالتزامات الخارجية
تؤكد الحكومة المصرية التزامها الكامل بسداد التزاماتها المتعلقة بالديون الخارجية، حيث من المتوقع أن تسدد حوالي 43.2 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2025، تشمل أقساط وفوائد القروض.
وتهدف الحكومة إلى حفظ الجدارة الائتمانية للبلاد من خلال تنفيذ إصلاحات اقتصادية وتنويع مصادر الدخل القومي، لضمان الاستقرار المالي على المدى البعيد.
توجه نحو الاستدامة المالية
تشير المؤشرات الحالية إلى أن الحكومة المصرية تسير بخطى ثابتة نحو تقليص حجم الدين الخارجي وتعزيز الاستدامة المالية، بما يتماشى مع أهداف رؤية مصر 2030. ومن شأن هذه الإجراءات أن تقلل المخاطر الخارجية وتوفر مساحة أكبر لنمو الاقتصاد، خاصة في ظل التحولات الإقليمية والدولية التي تفرض تحديات متزايدة على الاقتصادات الناشئة.
.
تم .
التعليقات